صحتك اليوم

ماهو الأرق وكيف يشخص وكيف تتخلص منه

بقلم: ريم فقيه

بعد نهار عمل شاق نشعر بعده بالارهاق، ننتظر بفارغ الصبر أن نخلد الى النوم لنرناح قليلا . ولكن ماذا ان لم نتمكن من جعل هذه الساعات المعدودة ساعات استراحة تشحن جسدنا و فكرنا لنهار كامل؟

فهناك من يواجه مشاكل مع النوم، فحالما يتوجه الى الفراش يبدأ بالتقلب ، وتبدأ الأفكار بالانهمار فتشغل ذهنه بما حدث و ما سيحدث.

حالات الارباك هذه ناتجة عن بعض الخلل الذي يفسره “الأرق”.

فما هو الأرق و كيف يشخص ؟

بالاستناد الى الاستشاري في الطب النفسي عدنان بيضون ، فان الأرق يفسر بأنه صعوبة في النوم ، اما عدم كفاية النوم أو سوء النوم نظرا لأسباب متعددة ، فقد يكون الأرق عارضا لسلسلة من الأمراض النفسية أو العضوية ، أوقد يكون مرضا بحد ذاته يشخص بأنه اضطراب النوم غير العضوي.

وأوضح بيضون أن الأرق 3 أنواع : الصعوبة بالدخول في النوم ، تقطع النوم، أو الاستيقاظ مبكرا من دون سبب، و أكد أن الأرق يتحول الى مشكلة مزمنة اذا استمر لفترات متواصلة لمدة أسابيع ، دون أن يكون هناك سبب اجتماعي أو ضغط من الحياة ، و اذا بقي على هذا الحال ذلك يعني أنه يعاني من مرض الأرق و يتوجب عليه معالجته.

يمكن أن تكون ضغوطات الحياة التي تسبب القلق أو التوتر أو الاكتئاب بحسب بيضون سببا من أسباب الصعوبة في النوم و التي يمكن أن توصل المريض الى أخذ المهدئات أو الكحول أو المخدرات التي ستفاقم و تطور المشكلة ليصبح الأرق مرض يحتاج الى المعالجة من قبل طبيب نفسي .

و أشار الى أن الأرق يمكن أن يكون سببه مشكلة عضوية مثل الغدة الدرقية، أو السكري، أو مشاكل التفس ، أو الزهايمر و غيرها من المشاكل التي تسبب الألم و التي تؤدي الى الأرق .

وأضاف أنه يمكن أن يكون لتطور الأفكار في ذهن المريض لدرجة أن يصبح شريطا سينمائيا مزعج و متواصل سببا من أسباب الأرق ، إضافة الى التغيرات البيئية، و تغيرات جدول العمل الزمني و عادات النوم السيئة أو الافراط في الأكل في ساعات متأخرة ، كل ذلك يؤدي حتما الى الأرق .

هناك الكثير من التساؤلات حول كيفية تشخيص مرض الأرق أو ادراك المريض أنه يعاني من الأرق المزمن ويحتاج الى العلاج، فقد أكد الاستشاري في الطب النفسي عدنان بيضون أنه قبل تشخيص الأرق و قبل البدء بالعلاج يجب التأكد من كل الظروف المحيطة بالمريض المهيئة للنوم مثلا سرير مريح ، لبس مريح ، عدم تناول المنبهات أو الكحول و غيرها ، فعندها يمكن للطبيب أن يشخص المرض على أنه أرق بعد دراسة نفسية المريض وصحته الجسدية.

وأوضح أن الأرق هو مشكلة في كمية النوم أي عندما يعاني الشخص من عدم القدرة على النوم أو في كيفية النوم ويعني أنه يمكن لأي صوت أن يوقظه ويكون نومه متقطع ، فاذا ما أصيب بهذه الأعراض يمكن القول بأنه يلزمه متابعة من طبيب نفسي.، وهنا يأتي دور الطبيب الذي يقوم بالتقييم الذي يمكن ان يشتمل على الاختبار البدني، والتاريخ الطبي، وتاريخ النوم، وقد يطلب الاحتفاظ بمذكرات خاصة بالنوم لمدة اسبوع او اثنين، ومتابعة اسلوب النوم وكيف يشعر المريض اثناء النهار، وفي بعض الحالات قد يتم تحويله الى مركز طبي خاص لاجراء الفحوصات الخاصة .

و أضاف أن الارق يختلف في المدة التي يستمر بها في الشخص المصاب وكيفية حدوثه غالبا، ويمكن ان يكون الارق على المدى القصير ويعرف (بالارق الحاد) او يمكن ان يستمر لفترة طويلة ويعرف (بالارق المزمن)، ويمكن للارق ان يأتي ويذهب مع فترات من الزمن ويكون الشخص ليس لديه اي مشاكل في النوم، والارق الحاد يستمر من ليلة واحدة الى عدة اسابيع قليلة، والارق المزمن يستمر في الشخص المصاب من ثلاث ليالي على الاقل في الاسبوع الى شهر او اكثر .

يوميات مريض الأرق

سامر أب لولدين ، يبلغ من العمر 40 عاما، يعمل لمدة 12 ساعة يوميا و يعود الى منزله آملا بأن يحصل على قسط من الراحة و لكن للأسف لا يتمكن من النوم. قال سامر بأنه قام بتجربة كل ما يمكن أن يساعده للتغلب على الأرق ووصل الى درجة أخذ المهدئات و المنوم كل يوم ، ولكنه لم يتحسن و لم يتمكن من الشفاء رغم كل المحاولات و بقيت صراعاته اليومية مع النوم ، وحتى الآن ما زال لا يمكن أن تمر عليه ليلة واحدة من دون أن يعيش هذه المعاناة وأشار الى أنه لا يريد استشارة الطبيب خوفا من أخذ الأدوية اعتبارا منه بأنها ستوصله الى الإدمان ، لذلك فقد قرر التعود على حالته والتعايش مع الأرق.

أما نرمين 36 عاما ، عانت لفترة طويلة لمدة سنة تقريبا من الأرق وكان ذلك يؤثر على نفسيتها بشكل كبير ، وعلى صحتها ونشاطها، فقد تأزم وضعها وكان ذلك سببا في عدم قدرتها على القيام بعملها على أكمل وجه ويمنعها من التركيز ، لذلك قررت استشارة الطبيب النفسي و هذا ما حصل ، أكدت أنها استفات من العلاج وتحسن وضعها تدريجيا الى أن زالت أعراض المرض و أصبحت تنام بشكل طبيعي و كافي.

والسؤال هنا كيف يمكن أن يتخلص الانسان من الأرق، و ما هو الأسلوب الأمثل للتغلب على هذا الارهاق المزمن الذي يصرف النوم من العيون المتعبة ؟

أكدت الاستشارية في الطب النفسي فرح حماده أن علاج الأرق يكون من خلال معالجة المشاكل النفسية التي يعاني منها المريض وان كانت مشاكل بسيطة مثل التوتر و القلق و كثرة التقكير بمشاكل الحياة وغيرها فهي من الأسباب التي تؤدي الى الأرق ، واذا ما كان يعاني من مرض نفسي كالاكتئاب أو الوسواس القهري وغيره ، فيجب معالجته أولا.

أما اذا كان يعاني من مرض عضوي فذلك لا يعني أنه مريض أرق ، فاذا تمت معالجة هذه المشاكل من قبل الطبيب المختص فذلك سيحل مشكلة الأرق.

و أشارت الى أنه في أحيان كثيرة تستخدم الأدوية في علاج الأرق ولكن لا تكون فترة العلاج بالدواء أكثر من 6 أسابيع ذلك لأن معظمها يمكن أن يوصل المريض الى الادمان ، ولكنها أكدت أن العلاج السلوكي أفضل من العلاج الدوائي بل يفوقه وهو يكون الخطوة الأولى لحل المشكلة مهما كانت حالة المريض.

و أوضحت أنه يجب على المريض كي يخفف أو يعالج الأرق كخطوة أولى أن يغير في عادات النوم مثل تحديد موعد للنوم و الاستيقاظ، و عدم تصفح الكتب و استخدام الهاتف قبل النوم ، و النوم من دون موعد محدد أي عدم التفكير في التوقيت الذي سينام فيه، وأيضا يجب ألا يلغي المريض جزء من عمله بسبب قلة النوم ، بل عليه القيام بنفس المجهود الذي يقوم به كل يوم، بالإضافة الى ذلك يجب تهيئة الغرفة للنوم ، مثل درجة الحرارة يجب أن تكون معتدلة، و الفراش مريح ، والابتعاد عن الضوضاء و الأضواء و الكافيين ، بالإضافة الى ممارسة الرياضة قبل الساعة السابعة مساء ، ومحاولة الابتعاد عن الأكل فبل النوم وشرب الماء بكثرة و تناول الأطعمة التي يوجد فيها (فيتامين دال) و(المغنيسيوم) لأنها تخفف من التوتر و تهدئ الأعصاب.

و أضافت أنه على المريض أن يحاول عدم مراجعة الأفكار قبل النوم و اشغال نفسه في التفكير بأشياء سخيفة لا يقوم بها بالعادة مثل قراءة كتاب لا يحبه أو مشاهدة برنامج لا يريد أن يتابعه فذلك يحمل الدماغ الى منحى آخر مثل النوم.

و أوضحت أنه هناك علاج بالمكملات الغذائية مثل “Valerian” و “Melatonin” وهما الأكثر شهرة ويستخدمان لتحسين النوم .

أما بالنسبة الى العلاج بالأعشاب ، فقد أشارت حماده أنه ليس علاج بحد ذاته بل انها تساعد المريض على تهدئة أعصابه ، و تخفف من التوتر أي أنها من التفاصيل التي يمكن أن تكون جزءا من العلاج مثل بلسم الليمون أو البابونج، أو البرتقال المر و غيرها… وأكدت أن الأرق ليس بمشكلة صغيرة لذلك لا يجب أن يستهان بها ، فيجب على مريض الأرق أن يستشير الطبيب النفسي قبل أن تتفاقم حالته و توصله الى أصعب مرحلة و هي الأرق المزمن.

أخيرا ، يجب الأخذ بعين الاعتبار بجدية تامة الأرق ، فهو ، استنادا الى قول الاستشارية النفسية فرح حماده ليست بالمشكلة الصغيرة فلا يجب الاستهانة بها، بل على المواجه للعوارض أن يستشير الطبيب النفسي قبل تفاقم الحالة و تحول المشكلة البسيطة الى مرض مؤثر على الصحة العضوية والنفسية و التي تعيق حتما نشاطات الانسان بكل أنواعها و في جميع الميادين.

مقالات ذات صلة