العدسات اللاصقة منقذ أم مدمر؟
أصبحت النظارات الطبية عدوا لمرضى قصر النظر، اذ يلجأ أغلبية المصابين لاستعمال العدسات اللاصقة، والجدير أيضا بالذكر أن القسم الأكبر من مستخدميها نظرهم صحيح أو لا يعانون من أي قصر، بل يستخدمون العدسات الملونة بهدف الزينة، ونرى ذلك خاصة عند الفتيات، حيث لا يمكن الاستغناء عنها ولم تعد خاصة بالمناسبات فقط ، بل للاستعمال اليومي. لكن للأسف ليس لديهم فكرة عن مدى خطورة استخدامها و تأثيرها على العيون .
بالاستناد الى طبيب العيون الدكتور سامر حطيط، فان العدسات الاصقة هي مادة بلاستيكية رقيقة، توضع على قرنية العين و تأخذ شكلها. وهي تستخدم لسبب طبي مثل قصر النظر، أو زيادة النظر ، أو الاستيجماتيزم أو لسبب تجميلي أو لأسباب طبية أخرى .
الخطر الملازم للعدسات اللاصقة
بالنسبة لأخطار العدسات اللاصقة ، فقد أكد الدكتور حطيط أن العدسات تمنع قرنية العين من التنفس وتقلل من الأوكسيجين داخل العين و ذلك يؤدي الى حدوث الخدوش السطحية التي تفتح الطريق لأي ميكروبات و تساعدها في الدخول الى العين ، ويمكن أن تسبب احمرار في العين ، أو حكة ، أو دموع زائدة ، أو تغبيش في الرؤية و خاصة في الليل، أو صداع ، إضافة الى مشكلة الجفاف في العين المنتشرة بكثرة.
إضافة الى ذلك يمكن أن تؤدي العدسات الاصقة الى حدوث ترسبات بيضاء على القرنية و التهابات في العين أو على الجفون، أو تآكل في القرنية أو تغيير في شكلها. والأخطر من ذلك يمكن أن تسبب العدسات الاصقة تقرح في القرنية والذي يمكن أن يصيب بالعمى اذا تطورت الحالة ولم يستطع الأطباء معالجتها .
وأوضع الدكتور حطيط أنه هناك الكثير من المشاكل التي ذكرت يصعب معالجتها ويمكن أن تسبب العمى أو تتطلب زراعة قرنية ، مضيفا : ” لا أعتقد أن هناك شخص يفرط بنظره “.
وأعطى نصيحة لكل شخص يستخدم العدسات اللاصقة الطبية بالتوقف عن استخدامها بشكل يومي، ويمكن ارتدائها في أيام معينة و في المناسبات، لأنها لا تعتبر بديلا عن النظارات الطبية التي لا تشكل أي خطر على العيون فهي أمنة تماما. وأضاف : ” أفضل اجراء العمليات الجراحية مثل الليزر و الليزك وغيرها، على استخدام العدسات اللاصقة لأن النسب الأكبر من المشاكل التي تسبب العمى مصدرها العدسات اللاصقة بقدر العمليات الجراحية أو يفوق خطورتها “.
و بالنسة للعدسات الملونة التجميلية فأكد الدكتور حطيط أنها تسبب مشاكل عديدة أكثر بكثير من العدسات الطبية، والأكثر شيوعا منها هي الالتهابات في العيون و الجفون، و الجفاف في العين، لذلك أيضا يفضل ارتدائها في أوقات معينة وفي المناسبات وليس بشكل يومي.
هل هناك فرق في الجودة بين العدسات الغالية والعدسات المحدودة السعر؟
بالنسبة لموضوع جودة العدسات، فقد أكد الدكتور حطيط أن سعر العدسات ليس معيارا لجودتها، فمهما كان سعرها آثارها واحدة و خطيرة وتركيبتها تمنع العين من التنفس اذا ما لم يتم استخدامها بشكل صحيح، كالعناية التامة بها و تنظيفها واتباع التعليمات اللازمة من الطبيب، و الأهم استشارة الطبيب اذا ما كان يمكن ارتدائها أو اذا كانت تناسب قرنية العين أم لا، لأنه من الممكن أن تتحسس القرنية من هذا الجسم الغريب وذلك يتحدد بناء على فحص طبي.
ومن المهم أيضا أن يكون المستخدم في سن يسمح له بارتداء العدسات اللاصقة أي من 16 سنة و ما فوق كي يكون واعيا بالقدر الكافي للمحافظة عليها و العناية الكاملة بها و بنظافتها.
أين تباع العدسات اللاصقة ؟
أوضح أخصائي البصريات خليل قبلان أن العدسات اللاصقة متعددة منها العدسات الملونة التجميلية والتي تعطي العيون لونا مختلفا وهي تستخدم للحصول على مظهر جميل أو اطلالة مختلفة، و العدسات الطبية الملونة وهي تستخدم من أجل تصحيح النظر أي لسبب طبي و تجميلي في وقت واحد، و هناك العدسات الطبية الشفافة غير المرئية التي تستخدم بهدف استبدال النظارات بها من أجل الحصول على التغيير و الراحة، وهي متعددة الأنواع منها العدسات اليومية والشهرية و السنوية، ومنها اللينة التي تسمح للأوكسيجين بالدخول الى العين و الصلبة التي تمنع العين من التنفس و تحتاج الى وقت حتى تعتاد العين عليها.
وأشار الى أن كل هذه الأنواع من العدسات متواجدة في الأوبتيك الخاص به، وأنه قبل بيعها يعطي التعليمات لكل المشترين وعن نوعيتها وكيفية استخدامها حتى لا تتسبب له بمشاكل.
وأكمل حديثه قائلا : ” الكثير من الفتيات يطلبون تجربة العدسات الملونة كي يخترن اللون المناسب لهن ولكنني أرفض ذلك لأنني أعلم مدى خطورة الموضوع فذلك يمكن أن يؤدي الى نقل الميكروبات و العدوى و يتسبب بأمراض العيون لذلك لا نعتمد ذلك الأسلوب بل نفرض بعض القواعد .”
و تابع مؤكدا أنه يبيع المحلول المرافق للعدسات بدقة، اذ أنه ينتقي الجودة الحسنة ويقع اختياره على المحلول الطبي المباع في الصيدليات، و أشار الى أن العدسات اللاصقة لم تعد تباع في الصيدليات و الأوبتيك فقط بل أصبحت تباع الآن في الصالونات و محلات الأكسسوار و الفوبيجو بشكل عشوائي حتى أنها تباع أون لاين أيضا .
وبالنسبة لأسعار العدسات اللاصقة قال أن سعرها في كل الأماكن تقريبا هو نفسه، فالعدسات الطبية و الملونة التجميلية يختلف سعرها بحسب نوعها من 10 الى 40 ألف ليرة لبنانية (7 الى 26 دولار)، أما العدسات الملونة الطبية سعرها من 30 الى 60 ألف ليرة لبنانية (20 الى 40 دولار)، يضاف اليهم المحلول الطبي الخاص الذي يتفاوت سعره أيضا بحسب نوعه و يتراوح بين 15 و 30 ألف ليرة لبنانية (10 الى 20 دولار).
معاناة مستخدمي العدسات
ديانا 26 سنة ، كانت تعاني من قصر النظر، وللحصول على اطلالة جديدة وبسسب الملل من ارتدائها للنظارات الطبية، بدأت باستخدام العدسات اللاصقة الطبية منذ عمر 18 عاما، ولم تكن تعلم أضرارها. فكانت تضعها مدة 12 ساعة يوميا، ولكن بعد فترة زمنية لاحظت أن عيناها بدأت بالاحمرار بعد ساعات من وضع العدسات أو عندما تقوم بإزالتها، ولكن رغم ذلك لم تأبه بل استمرت في استخدامها على مدى 5 سنوات.
ولكن بعد 5 سنوات قامت بزيارة الطبيب و عندما علمت أن العدسات هي ما يتسبب بجفاف كبير في عينيها حيث يمكن أن تتطور الحالة أكثر، لذلك طلب منها الطبيب التوقف عن استخدامها. وبعد فترة أقدمت على القيام بعملية الليزر التي استغرقت مدة ساعة كاملة بدلا من 10 دقائق وذلك بسبب اضطرار الطبيب الى ترطيب عينيها بعد كل خطوة. وبعد مرور سنة على العملية لا زالت ديانا تعاني من مشكلة الجفاف حتى بعد مدة من استخدامها للقطرات الطبية التي وصفها الطبيب و اضطرت الى القيام باغلاق مجرى الدمع كي تخفف من حدة المشكلة، وأكدت أنها حتى الآن لا زالت المشكلة تلازمها.
أما نور 22 سنة، لا يمكنها الاستغناء عن العدسات الملونة، فقد اعتاد عليها كل من حولها لدرجة أن هناك من يظن أنه لون عيناها الطبيعي، بدأت باستخدامها من عمر 18 سنة حتى 22 سنة، ولكنها بدأت تعاني منذ فترة من احمرار في عيناها ومن جفاف ملحوظ، إضافة الى صداع في الرأس طيلة مدة ارتدائها للعدسات، ولم تمتنع عن استخدامها، وأضافت قائلة : ” لا أريد استشارة الطبيب لأنني أعلم جيدا أنه سيمنعني من وضع العدسات، و حتى الآن لم يحصل ما يقلقني فذلك أمر طبيعي لمن يرتدي العدسات اللاصقة “.
و بالنسبة لعليا فأكدت أنها بدأت باستخدام العدسات من عمر 19 سنة وحتى الآن فقد وصلت لعمر 27 سنة ولم تشكو من أية مشاكل في العيون وذلك لأنها تستخدم العدسات بطريقة صحيحة وتهتم بنظافتها بشكل يومي.
كيف تحمي نفسك من أخطار العدسات اللاصقة؟
بالاستناد الى ما قاله طبيب العيون الدكتور سامر حطيط هناك بعض النصائح التي يمكن أن تقلل من نسبة حدوث المشاكل في العيون بسبب العدسات اللاصقة ومنها :
- استخدام العدسات اللاصقة اليومية فهي الأفضل لأنها تستخدم ليوم واحد وترمى بعد ذلك.
- عدم شراء العدسات الا من الصيدليات أو من الأوبتيك.
- ترطيب العين بواسطة القطرات الطبية.
- استخدام العدسات التي يتواجد فيها المحتوى المائي و الذي يسمح للأوكسيجين بالدخول الى العين.
- الامتناع عن النوم أثناء وضع العدسات حتى و لو كانت مخصصة للنوم.
- الامتناع عن استخدام القطرات عند ارتداء العدسات اللاصقة
- تنظيف العدسات كل يوم و غسل اليدين جيدا قبل وضعها، واتباع التعليمات المعطاة.
- يجب أخد الحيطة و الحذر بشأن تناول بعض الأدوية التي تسبب الجفاف أو تقلل من افراز الدموع كحبوب منع الحمل أو المهدئات أو مضادات الحساسية فهي قد تؤدي الى التهابات في القرنية.
- الامتناع عن السباحة عند وضع العدسات اللاصقة والامتناع عن الدخول الى الأماكن مرتفعة الحرارة أو الاقتراب من مصادر الحرارة أو النار لأن ذلك يمكن أن يتسبب في ذوبان العدسات وهذا ما يؤدي الى العمى .
و أنهى حديثه قائلا: ” العدسات اللاصقة تسهل حياة ذوي قصر النظر و كذلك تزين و تجمل العينين الا أنها وان لم يتمكن المستهلك من حسن استخدامها و وضعها لوقت محدد يمكن أن تكون آثارها خطيرة جدا، لذلك أنصح مستخدميها بزيارة الطبيب بين الحين و الآخر لاجراء الفحص الطبي وأخد النصائح منه للتأكد من صحة العين. كما أدعو وزارة الصحة لزيادة الرقابة على مصادر هذه المنتجات المباعة في المحلات للتأكد من جودتها أو حتى مدة صلاحيتها “.
وأخيرا، هذا الموضوع يجب أن يعطى الاهتمام الذي يستحقه لكي لا يساهم في تفاقم مشاكل الشبكية لدرجة عجز تفسير السبب أو إيجاد العلاج و حماية المواطنين و الحفاظ على صحتهم .
بقلم: ريم فقيه