السمنة: صحة ام مرض
يعاني الكثير من الناس من مشكلة السمنة التي تحدث لأسباب عديدة، فيمكن أن تكون وراثية أو بسبب مرض معين أو بسبب الافراط في الأكل. فالسمنة واحدة من المشاكل الأكثر صعوبة من ناحية العلاج والتصدي لها، وهي سهلة الحدوث عند أي أحد و في أي وقت، إضافة الى أنها تسبب العديد من المشاكل و المخاطر التي يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على الشخص.
فما هو تعريف السمنة واسبابها؟
بالاستناد الى أخصائي السمنة و التغذية العلاجية الاخصائي ربيع مصطفى، فان السمنة هي الحالة التي يحتوي فيها الجسم على درجةٍ عاليةٍ من الدهون المكدسة وغير المستخدمة والتي قد تزيد عن وزن بقية أنسجة الجسم الأخرى وحدها، وتسبب تغيرًا شاملًا في الشكل ومساحة وحجم الجسم، ومع الوقت تبدأ في التأثير على الوظائف المختلفة بداخله والمجهود العام الظاهر بالخارج.
بالنسبة لأسباب السمنة أشار الاخصائي ربيع مصطفى الى أن هنالك العديد من المشاكل والأسباب التي بإمكاننا إدراجها تحت قائمة أسباب السمنة، لكنها أيضًا متباينة ومختلفة حسب حالة الشخص وطبيعة جسده، نبدأ أولا بالأسباب الأكثر جدية منها:
- الإكثار أو الإنقاص من وجبات الطعام في اليوم كلاهما غير صحي، فالجسم بحاجةٍ لثلاث وجباتٍ رئيسية أهمها الإفطار القوي والكبير ثم الغداء المتواضع والعشاء الخفيف.
- النوم نهارًا والاستيقاظ ليلًا، وعدم تناول كمياتٍ كافيةٍ من السوائل، و اتباع أنظمةٍ غذائيةٍ خاطئةٍ أو عنيفةٍ لفقدان الوزن.
- بعض العقاقير والأدوية تكون السمنة من أعراضها الجانبية وهي مشكلةٌ يعاني منها كثيرون خاصةً عند عجزهم عن التوقف عن الدواء.
- أسلوب الحياة الخاطئ في العادات الصحية وفي النوم والاستيقاظ وفي تناول الطعام وفي نشاط الجسم.
- الجينات واحدةٌ من أهم وأشهر أسباب السمنة، فأحيانًا تجد أطفالًا يعانون من السمنة تمامًا مثل والديهم أو بمجرد الوصول لمرحلة المراهقة تبدأ الجينات عملها وتزداد أوزانهم كثيرًا ليصبحوا مثل أفراد عائلتهم، وهذه ليست حالةً مستعصية لا يمكن التخلص من السمنة فيها بل كل شيءٍ ممكن وإنما المشكلة فقط تكمن في قابلية أجسادهم أكثر من غيرهم لتخزين الدهون.
- بعض الأمراض تسبب السمنة مثل مشاكل إفراز هرمونات الغدة الدرقية أو غيرها من أمراضٍ قد تؤثر على عملية الأيض في الجسم.
- نوعية الطعام الذي نتناوله تودي بنا إلى مشاكل لا حصر لها خاصةً الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة المشبعة بالدهون والسكريات والمياه الغازية وغيرها.
- بعض الناس، إما بسبب ضيق وقتهم أو طبيعة أعمالهم، لا يمارسون أي نشاطٍ بدنيٍ على الإطلاق في يومهم وتلك مشكلةٌ خطيرة تؤثر على وظائف الجسم كلها لا وزنه وحسب.
- شُرب الكحول، كونه غنيّ بالسّعرات الحراريّة.
- أحيانًا يتوهم الناس إصابتهم بالسمنة بسبب طبيعة عضلاتهم وشكل عظامهم وطريقة ترسب الدهون عليها.
و أضاف الاخصائي ربيع مصطفى: ” تعد قلّة ممارسة النّشاطات الجسديّة عاملاً مهما للإصابة بالسمنة. ففي الوقت الحاضر، أصبح معظم النّاس يقضون أوقات عملهم جالسين في المكاتب ويستخدمون السيارات للتّنقل بدلاً من المشي والحركة. فإن لم يمارس الشّخص النّشاطات الجسديّة بشكلٍ كافٍ، فإن السّعرات الحراريّة التي يحصل عليها لا تُحرق، بل تتحول إلى دهون تخزّن في الجسم، لذلك أنصح البالغون بممارسة 150 دقيقة على الأقل من النّشاطات الجسديّة متوسطة الشّدّة أسبوعياً، منها المشي السّريع والسّباحة. أما اللذين يعانون من السمنة، فعليهم ممارسة الرياضة أكثر من ذلك، ولكن عليهم البدء بالتّدريج وزيادة تلك النشاطات”.
ما هي الأعراض والمشاكل الناجمة عن السمنة؟
أكد الاخصائي ربيع مصطفى أن هناك بعض الأمراض تؤدي إلى السُّمنة، منها ضَعف نشاط الغدّة الدرقيّة ومتلازمة كوشينغ. لكن إن تم تشخيص وعلاج هذه الأمراض بالشّكل المناسب، فإنّها لا تعد عائقاً لفقدان الوزن. وهناك من يرث صفات من أهلهم تجعلهم أكثر عرضةً للإصابة بالسُّمنة، وعلى الرّغم من أن ذلك يسبب صعوبةً في فقدان الوزن، إلا أن فقدان الوزن لديهم لا يعدّ مستحيلاً. وقال ان هناك عوامل أخرى تسبب السمنة، منها المشاكل والضغوطات النفسية والاجتماعيّة، فهي تبعد الإنسان عن نظام الحياة الصحيّ وقد تجعله ينسى ممارسة الرّياضة أو يلجأ إلى كثرة تناول الطعام لينسى هذه المشاكل.
بالنسبة للأعراض والمشاكل التي يمكن أن تسببها السمنة فقد أكد الدكتور عماد عسيران (طبيب عام) أنها تؤدي الى صعوبة في التنفس بسبب الدهون المتجمعة والوزن الزائد، وتؤثر على هرمونات الجسم، وتؤدي الى آلام في المفاصل و الظهر، والشعور بالتعب الدائم، وعدم القدرة على الحراك بشكل طبيعي والخمول، ويمكن أن تتسبب في ارتفاع مستوى الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم، وذلك يؤدي الى الإصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية، وتزيد السمنه من احتمال الإصابة بمرض السكري، وأمراض الجهاز الهضمي. وأشار الى أن تلك الأعراض و المشاكل يمكن أن تؤثر على الحالة النفسية والاجتماعية وذلك يؤدي الى الدخول في مشاكل و أمراض نفسية.
كيفية الوقاية والعلاج من السمنة؟
“اختيار نظام صحي للحياة والالتزام به هو ما سيساعد على تجنب الإصابة بالسمنة ” هذا ما أكده اخصائي السمنة والتغذية العلاجية ربيع مصطفى ، وأعطى عدد ممن النصائح لإتباعها :
- التركيز على الأطعمة قليلة السعرات الحرارية الغنية بالمواد الغذائية، و تناول الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبروتين الخالي من الدهون والتي لا تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية.
- ممارسة الرياضة بشكل مستمر منها المشي السريع والسباحة.
- الالتزام بتناول 3 وجبات في النهار.
- متابعة الوزن مرة واحدة في الأسبوع للتأكد أن هذا النظام الذي يتبعه يناسبه، واذا لم يجد نتيجة، فعليه بالتوجه الى اخصائي التغذية لاعطائه الارشادات الملائمة لجسمه.
وأكد الاخصائي ربيع مصطفى أن علاج السمنة يكون من خلال اتباع نظام غذائي محدود السعرات ومتوازن ومناسب لحالة الشخص وذلك ما يحدده الاخصائي، ويجب تناول الطعام ببطء وتجنب الظروف التي تجعله يفرط في تناول الطعام، وأشار الى أن الهدف من تخفيف الوزن في البداية يكون متواضعاً، أي نحو 3% الى 5% من الوزن، وذلك لتبدأ الصّحة بالتحسن.
وأضاف أنه يجب تنظيم برنامج خاص لممارسة النّشاطات الرّياضية لمدة 3 إلى 5 ساعات أسبوعياً أو أكثر وذلك بحسب الحالة، اذا ما كانت سمنة أو سمنة مفرطة، وأيضا يختلف أسلوب تنزيل الوزن من شخص إلى آخر، ويعتمد الأسلوب المناسب على صحة الشخص العامّة ومدى رغبته بفقدان الوزن ودرجة السُّمنة لديه، وقال :” بعض المصابين بالسُّمنة يحتاجون الى جلسات من الإرشاد النّفسيّ للمساعدة على تغيير نظرتهم للأكل وتناول الطعام و ذلك عن طريق زيارة الطبيب النفسي ليساعدهم أيضا على تجنب الإصابة بالمشاكل النفسية”.
أما طبيب الصحة العامة الدكتور عماد عسيران فقد أشار الى أنه بالإضافة الى اتباع نظام غذائي صحي، يوجد طريقة العلاج الدوائي التي يتم اللجوء اليها اذا لم ينفع كل ذلك، فقد يضطر الطّبيب لوصف أحد أدوية تخفيف الوزن وذلك بحسب حالة الشخص. ويكون دورها تقليل ما يمتصّه الجسم من دهون، ويؤخذ بمصاحبة البرنامج الغذائيّ والرياضيّ الخاصّين بالشّخص. كما وأن هناك أدوية تستخدم في المساعدة على تخفيف الوزن عبر تثبيت الشهيّة كي لا يفرط الشخط في الاكل، وأضاف ان هناك نوع من الأبر أيضا تستخدم لقطع الشهية و التنحيف.
وأضاف الدكتور عماد عسيران: “هناك العلاج الجراحي مثل تكميم المعدة أو قص المعدة، والتي يلجأ اليها الكثير كونها الحل الأسرع للتنحيف، ولكني لا أنصح بها، لست جراحا ولكني أعلم جيدا ان للجراحة دائمًا مخاطرها والتهور بإجرائها عند غير المتخصصين وفي أماكن غير المستشفيات الكبيرة يزيد من نسبة تلك المخاطر ومضاعفاتها ويؤدي إلى مشاكل قد تكون قاتلة، فأنصح الجميع قبل اللجوء للحل الجراحي استنزفوا كل خياراتكم الأخرى أولًا فإن فشلت توجهوا للجراحة واتبعوا كل إرشادات الطبيب المختص”.
لذلك يجب على كل من يشعر بأنه قابل للتعرض الى السمنة، أن يلجأ الى المختصين و يأخذ الاستشارة، وأن يتبع النظام الذي يعطيه له كي يتجنب تطور الحالة و الإصابة بالسمنة أو السمنة المفرطة التي يمكن أن تعرضه لخطر الإصابة بالعديد من الأمراض الجسدية منها والنفسية، فالاهمال يزيد من صعوبة وحدة الحالات.
بقلم: ريم فقيه