الملاريا Malaria
عوامل الخطر
العمر: ليس عامل مهم.
نوع الجنس: ليس عامل مهم.
الوراثة: ليس عامل مهم.
نمط الحياة: تعتبر زيارة أو العيش في المناطق التي يحدث فيها المرض من عوامل الخطر.
نظرة عامة
تم القضاء على الملاريا من الولايات المتحدة والمناطق معتدلة المناخ في العالم لعدة عقود. ومع ذلك، يعيش أكثر من 40 في المائة من البشر في المناطق التي تتوطن فيها الملاريا. بشكل عام، هذه المناطق فقيرة وتقع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. هناك عدد من العوامل المسؤولة عن استمرار وجود هذا المرض، بما في ذلك التغيرات المناخية والاضطرابات السياسية، وزيادة مقاومة الطفيلي للعلاجات الدوائية والبعوض للمبيدات الحشرية.
الاسباب
الملاريا ناتجة عن بروتوزوا أحادية الخلية تنتمي إلى جنس البلاسموديوم (Plasmodium)، وغالبًا ما يشار إليها مجتمعة باسم طفيل الملاريا (malaria parasite). يوجد حوالي 170 نوعًا من طفيلي الملاريا، قادر على إصابة العديد من أنواع الفقاريات، لكن أربعة منها فقط يمكن أن تسبب العدوى لدى البشر، وهي: المتصورة المنجلية (Plasmodium falciparum) و المتصورة البيضوية (Plasmodium ovale) و المتصورة النشيطة (Plasmodium vivax) و المتصورة الوبالية (Plasmodium malariae). تحدث المتصورة النشيطة في الشرق الأوسط والهند وأمريكا الوسطى، بينما توجد الأنواع الثلاثة الأخرى بشكل رئيسي في إفريقيا. من بين الأنواع الأربعة، تسبب المتصورة المنجلية أخطر حالات المرض ومعظم الوفيات.
تنتقل طفيليات الملاريا من شخص لآخر عن طريق بعوض من جنس الأنوفيلة (Anopheles). عندما يخترق بعوض الأنوفيلة الجلد لامتصاص الدم، فإنه قد ينقل طفيل الملاريا من الشخص المصاب بالمرض، أو على العكس من ذلك، قد ينقل طفيل الملاريا إلى شخص غير مصاب. دائمًا تكون هذه البعوضة أنثى، لأن ذكور البعوض لا يمصون الدم. في بعض الأحيان، يمكن أن يصاب الشخص بأكثر من نوع من طفيل الملاريا في نفس الوقت.
عوامل الخطر وانتشار المرض
الملاريا مرض مستوطن في العديد من المناطق شبه الاستوائية والمدارية في العالم. قد يكون غيابه عن المناطق الأخرى بسبب استئصاله ولكن أيضًا لأن طفيل الملاريا أو بعوض الأنوفيلة التي تنقله أو كلاهما لا يمكن أن يعيش في المناطق الباردة جداً.
يتعرض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات والنساء الحوامل والمسافرين الذين يزورون المناطق التي تستوطن بها الملاريا لخطر الإصابة بمرض الملاريا بشكل أكثر حدة. في حالة المسافرين، يأتي الخطر لأنهم ليس لديهم مناعة ضد المرض والتي تأتي بعد الاصابة السابقة بالملاريا كما حدث لدى الكثير من السكان المحليين. يصاب حوالي 30،000 شخص من البلدان المتقدمة بالملاريا كل عام، بعد زيارة المناطق التي يستوطنها المرض. النساء الحوامل المصابات بالمتصورة المنجلية هن أكثر عرضة للولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة. يمكن أن تؤدي هذه العدوى أيضًا إلى انتقال الملاريا إلى الطفل أثناء الحمل أو الولادة.
في المناطق الموبوءة، ينخفض خطر الإصابة بالملاريا على ارتفاعات تزيد عن 6560 قدم (2000 متر). يزيد الخطر في المناطق الريفية. يختلف انتقال المرض أيضًا حسب الموسم، حيث يكون الأعلى في نهاية موسم الأمطار.
في المناطق غير الموبوءة، يمكن أن يحدث بها الملاريا، على الأقل مؤقتًا، طالما أن البعوض القادر على نقل المرض يعيش أيضًا في المنطقة. في الولايات المتحدة، لا يزال هناك نوعان من بعوض الأنوفيلة القادرة على نقل هذا المرض. على سبيل المثال، إذا عاد المسافر إلى الولايات المتحدة بعد إصابته بالملاريا في الخارج وعضته بعوضة أنوفيلة محلية عند العودة، فإن هذه البعوضة المصابة يمكن بدورها أن تعض الاخرين وتنقل لهم المرض. يمكن أن يحدث أيضا ما يسمى بملاريا المطار، حيث تصل البعوضة المصابة إلى المطار وتنقل الملاريا هناك. من بين آلاف حالات الإصابة بالملاريا التي يتم تشخيصها كل عام في الولايات المتحدة، يتم اكتساب معظمها خارج البلاد ويشار إليها بالملاريا “المستوردة”.
لا تنتقل الملاريا مباشرة من شخص لآخر. ومع ذلك، يمكن الحصول عليها من خلال نقل الدم أو زرع الأعضاء من الأشخاص المصابين بالعدوى، أو من خلال تبادل الإبر مع شخص يحمل العدوى. وقد أظهرت الدراسات أن بعض اضطرابات الدم الوراثية، مثل فقر الدم المنجلي، قد تساعد في الواقع في الحماية من الملاريا، لأن التغيير في جزيء الهيموغلوبين يعيق نمو وتطور الملاريا.
الاعراض
عادة، عند الاصابة بالملاريا، تبدأ الأعراض في غضون 10 أيام إلى 4 أسابيع من لدغة البعوضة المصابة. يمكن أن تكون الأعراض المميزة للمرض شبيهة بالتهاب الجلد وتشتمل على حمى وقشعريرة أو ارتجاف وصداع وآلام في العضلات. قد يحدث الغثيان والقيء والإسهال واليرقان، إضافة إلى التعب الشديد. غالبًا تظهر الأعراض بشكل منتظم كل ثلاث ايام وتستمر لعدة ساعات، على الرغم من عدم حدوث هذه الدورة بشكل منتظم دائمًا. قد يتضخم الكبد والطحال أيضًا.
يمكن أن ترتبط أعراض الملاريا بدورة حياة الطفيل (انظر الى الصورة على اليسار). تطلق البعوضة المصابة الحيوان البوغي -sporozoite- (مرحلة معينة من دورة حياة الطفيل) في مجرى دم الشخص أثناء مص الدم من ذلك الشخص. تنتقل الحيوانات البوغيّة إلى الكبد، حيث تغزو خلايا الكبد. هناك، تتكاثر بلا جنس (بدون استخدام التكاثر الجنسي) بالآلاف، وتتطور إلى مرحلة أخرى تسمى الأُقسومات (merozoites). الشخص لا يظهر الأعراض عادة في هذه المرحلة.
بعد بضعة أيام أو أسابيع، تنفجر خلايا الكبد المصابة وتطلق الأُقسومات في مجرى الدم ، حيث تغزو خلايا الدم الحمراء وتتضاعف أكثر. عادة، تميل خلايا الدم المصابة إلى الانفجار وتطلق المزيد من الطفيليات في نفس الوقت تقريبًا، إما كل يومين أو ثلاثة أيام حسب نوع الطفيل. هذه الدورة تؤدي إلى أعراض ملاريا متكررة تشبه اعراض الانفلونزا. يتم إطلاق العديد من الطفيليات مرة أخرى من خلايا الدم الحمراء في شكل المزيد من الأُقسومات، وتكون على استعداد لغزو المزيد من خلايا الدم الحمراء ومواصلة دورة الحمى. بعض الطفيليات، على الرغم من ذلك، يتم إنتاجها في شكل مختلف، فهي تكون قادرة على تكوين خلايا جنسية (الجاميت gametes). إذا امتص البعوض مثل هذه الخلايا عندما يمص دم الشخص المصاب، فإن الطفيل يخضع للإخصاب الجنسي والتكاثر في جسم البعوض حتى يصبح جاهزًا لنقله إلى ضحية بشرية أخرى، وبالتالي إكمال دورة حياته.
يمكن أن يسبب مرض الملاريا مضاعفات مختلفة. تتسبب الأنواع الأربعة من طفيليات الملاريا في بعض الأحيان في اختلال التوازن في الدم، مع انخفاض نسبة السكر في الدم وزيادة الحموضة. تشوه الطفيليات أيضا الأغشية الخارجية لخلايا الدم الحمراء، مما يجعل الخلايا أكثر عرضة للتخلص منها واخراجها من الدورة الدموية عن طريق الطحال، مما يزيد من تعقيد فقر الدم الناجم عن انفجار الخلايا المصابة بالطفيليات. يمكن أن يحدث فشل في الأعضاء يتضمن الجهاز التنفسي أو القلب، كما يمكن أن يحدث الفشل الكلوي. يمكن أن تنتشر الصبغات الداكنة الموجودة في الدم والناتجة عن تدمير أعداد كبيرة من خلايا الدم الحمراء إلى البول، وهي الحالة التي يطلق عليها الاسم الشائع حمى البول الأسود (blackwater fever). غالبًا معدل الوفيات بسبب الملاريا الشديدة، حتى عند علاجها في وحدات العناية المركزة الحديثة، يتجاوز 30 في المائة، بينما في البلدان النامية التي ليس لديها رعاية صحية جيدة، يمكن أن يكون الأشخاص المصابون بالملاريا الشديدة التي تتطلب نقل للدم أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية وغيره من الامراض المنقولة عن طريق الدم.
من بين طفيليات الملاريا الأربعة التي تصيب البشر، تعتبر المتصورة المنجلية هي الأكثر شيوعا والأكثر فتكا. المتصورة المنجلية قد تسبب حوالي 95 في المئة من الوفيات الناجمة عن الملاريا. يمكن أن يصيب هذا النوع نسبة أكبر بكثير من خلايا الدم الحمراء أكثر من الأنواع الثلاثة الأخرى، مما يسبب الموت في بعض الأحيان بعد ساعات قليلة فقط من بدء تمزق خلايا الدم الحمراء. في حالة الإصابة بالمتصورة المنجلية، يمكن أن يصاب أيضاً الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي في النهاية إلى التشوش ونوبات الصرع والغيبوبة. بالنسبة لأولئك الذين بقوا على قيد الحياة، قد يكون الجهاز العصبي قد تضرر لديهم بشدة.
التشخيص
يمكن تشخيص عدوى الملاريا النشطة عن طريق أخذ قطرة من دم الشخص ونشرها على شريحة مجهرية ثم تلطيخها بصبغة خاصة تسمى صبغة جيمزا. يتم عمل مسحات سميكة ورقيقة. ثم يتم النظر بالمجهر للبحث عن طفيليات الملاريا داخل خلايا الدم الحمراء البشرية. المسحات السميكة مفيدة في إجراء التشخيص. المسحات الرقيقة تسمح لتحديد الأنواع. نظرًا لوجود طفيليات في الدم في دورات متقطعة، يجب تقييم المسحات كل 6 إلى 12 ساعة على مدار 48 ساعة لتحسين دقة التشخيص. في 95 في المائة من الحالات، تكون المسحة الأولى إيجابية لوجود طفيليات الملاريا.
يمكن أيضًا إجراء اختبار الدم باستخدام طريقة تفاعل البوليميراز المتسلسل (polymerase chain reaction) لاكتشاف الحمض النووي للطفيل؛ ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يتطلب مختبرا متخصصا، وهو اجراء مكلف للغاية. أيضا، تحديد الكائنات الحية وغير الحية غير ممكن بهذه الطريقة. قد تكون هذه الطريقة مفيدة لمراقبة فعالية العلاج الدوائي. يتوفر اختبار للأجسام المضادة ضد طفيليات الملاريا، لكنه يمكن أن يحدد فقط الاصابة السابقة بالملاريا.
العلاج
تتوفر أدوية مختلفة لعلاج الملاريا. ومع ذلك، لوحظ زيادة في مقاومة طفيليات الملاريا، وخاصةً للكلوروكين. تشمل العلاجات الفعالة سلفات الكوينين وهيدروكسي كلوروكين والعقار المركب سلفادوكسين وبيريميثامين، والميفلوكين ومزيج من أتوفاكون و بروغوانيل، والدوكسيسيكلين. لتحسين فرص العلاج، من المهم أن يعالج المريض مبكراً باستخدام الدواء الصحيح والجرعة الصحيحة والفترة العلاجية المناسبة. يمكن علاج المصابين بالمتصورة النشيطة أو المتصورة البيضوية بدواء آخر لمنع الانتكاسات. بالنسبة لحالات مقاومة الدواء، يتم استخدام العلاجات المركبة التي تحتوي على أدوية الأرتيميسينين مع أدوية أخرى، وهو نهج يشار إليه باسم العلاج المركب القائم على مادة الأرتيميسينين (artemisinin-based combination therapy).
الوقاية
لا يوجد لقاح حالياً للملاريا. ومع ذلك، هناك بعض الأمل في إمكانية البحث عن لقاحات ضد المرض.
تُستخدم معظم الأدوية المستخدمة لعلاج الملاريا أيضًا للوقاية منها، بما في ذلك المضادات الحيوية مثل الدوكسيسيكلين والتتراسيكلين. للعلاج الوقائي، عادة يجب البدء بالدواء قبل أسبوع إلى أسبوعين من السفر إلى بلد ينتشر فيه الملاريا، ويستمر بأخذ الدواء طوال الرحلة، ويؤخذ أيضًا لمدة أربعة أسابيع بعد العودة. حتى مع مثل هذه التدابير الوقائية، لا يزال من الممكن الاصابة بالملاريا، والإجراءات الوقائية قد تؤدي فقط إلى تأخير ظهور الأعراض، مما يجعل التشخيص أكثر صعوبة.
يمكن أن تقلل محاولات التقليل من ملامسة البعوض من فرص الإصابة بالملاريا. يوصى باستخدام مادة طاردة للحشرات تحتوي على مادة الديت (DEET) الكيميائية كعنصر نشط، إلى جانب ارتداء أكمام طويلة وسروال لتقليل فرصة التعرض للعض من البعوض. في الآونة الأخيرة، ثبت أن الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية تقلل من الملاريا والوفيات الناجمة عن المرض من الأطفال.
في الخمسينيات، تم تنفيذ برامج للقضاء على الملاريا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فشلت هذه في معظم المناطق لأسباب منها زيادة مقاومة البعوض للمبيدات الحشرية، وكذلك زيادة مقاومة الطفيليات للعقاقير المستخدمة في العلاج وعدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان المعنية. علاوة على ذلك، لا يمكن لمعظم الأشخاص الذين يعيشون في هذه البلدان تحمل تكاليف العلاج، على الرغم من أن الأدوية المستخدمة لعلاج الملاريا غير مكلفة بالمعايير الأمريكية.