الكافيين: بين تعديل المزاج وتدمير الصحة
قبل أن يبدأ يومنا نستهله بفنجان من القهوة الساخنة، والذي يساعدنا على النشاط ويخفف عنا التوتر ويعدل مزاجنا، وذلك لنستطيع اكمال النهار الطويل بهدوء ،وهناك من يشرب القهوة بشكل غير معتدل صباحا ومساء.
ولكن الكثير منا لا يعرف الأضرار التي يمكن أن يسببها فنجان القهوة هذا على صحتهم وأنه يجب الالتزام بكمية محددة حتى لا تؤثر سلبا على الجسم.
فما هي هذه الأضرار ؟ وكيف يمكننا تجنبها؟
بالاستناد الى الأخصائي في الطب العام الدكتور ماهر خليل فان الكافيين له فوائد عديدة منها تخفيف الجلطات بنسبة 20 % ، ومفيد للسكري ، ومفيد للارتجاف ، ويساعد في التخفيف من مرض الزهايمر ويساعد على النشاط وقلة التوتر، ولكن اذا لم يستهلك الكافيين باعتدال و بكميات قليلة فإنه سوف يسبب الأضرار على الجسم، وأيضا استهلاكه بشكل كبير يسبب الإدمان .
وأشار الدكتور ماهر خليل الى أن الكافيين يمكن أن يسبب تأثيرات جانبية منها: قلة النوم، أو العصبية، أو الأرق، أو نقص التحمل ،أو الغثيان أو أعراض جانبية على الجهاز الهضمي، أو زيادة معدل ضربات القلب، أو الصداع ، أو القلق، ارتعاش العضلات.
و أضاف الى انه لدى البعض حساسية أكثر من غيرهم للكافيين، وأنهم يمكن أن يشعروا بالاثار الجانبية بعد 200 الى 300 ملليغرام فقط من استهلاك الكافيين خلال اليوم، و أنه لا يجب ان يتخطى الاستهلاك 400 ملليغرام يوميا للشخص الطبيعي، وللمرأة الحامل 200 ملليغرام يوميا .
وأشار الى ان هناك عوامل قد تؤثر على مستوى الحساسية من الكافيين منها :وزن الجسم، والسن، وعادات التدخين، والإجهاد، والتوتر.
وأضاف أن التقليل من استهلاك القهوة لا يقلل بالضرورة من استهلاك الكافيين، ذلك لأن مادة الكافيين موجودة في مجموعة متنوعة من المنتجات إلى جانب القهوة، مثل الطعام، والشراب وحتى الأدوية غير الملزمة بوصفة طبية.
وأكد أن الكافيين يضر أيضا بالأطفال و المراهقين، إذ يمكن أن يتسبب في زيادة عدد ضربات دقات القلب والقلق والإفراط في النشاط والتأثير على نومهم، لذلك ينصح بالالتزام بعدم شرب القهوة و المنتجات التي تحتوي على الكافيين لمن هم تحت سن 18 عاما.
و أشار الى أن القهوة تضر بالغدد لان مستوى سكر الدم يبقى مضطربا بين ازدياد بسبب تأثيرات الكافيين وانخفاض بسبب تأثيرات الانسولين الذي يعززه الجسم. وبالاضافة الى ذلك، الكافيين يزيد من نشاط الكليتين، ومن توتر الاعصاب. وأكد انه يجب على الاشخاص الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع استشارة الطبيب بشأن تناول الكافيين يوميا. وأضاف أن مادة الكافيين قد تزيد من فقدان الكالسيوم والمغنيزيوم في البول.
وبالنسبة لتاثير الكافيين على تخفيف الوزن فقال الدكتور ماهر خليل أن له تأثير ضئيل على خفض الوزن ومنع البدانة، فهو يسبب فقدان الشهية و فقدان السوائل، فالقهوة مدرة للبول، بحيث إن فقدان السوائل المؤقت يمكن أن يسبب انخفاضًا في وزن الجسم، ولكن ذلك يكون بشكل بسيط. و لكن عند استهلاكها بكميات كبيرة فذلك على العكس تماما سوف يسبب السمنة، فالكافيين يحتوي على مستويات مرتفعة من السكر وكمية من السعرات الحرارية. وأكد الدكتور ماهر خليل قائلا: ” خير الأمور الاعتدال “.
كيف يؤثر الكافيين على المخ و الأعصاب؟
بالاستناد الى طبيب المخ و الأعصاب الدكتور سامر حماده فان الجهاز العصبي هو جهاز يمتلك قدرة كبيرة على توصيل المعلومات بسرعة من خلية عصبية الى أخرى ، فالكافيين يؤثر على عمل مادة الأستيل كولين (Acetylcholine) الموجود في الدماغ.
وأكد أن الكافيين يقوم بوظيفة الأدينوزين (Adenosine) وهي مادة يفرزها المخ على مدار اليوم وظيفتها تحفيز النوم، وهي تقلل من نشاط الخلية العصبية.
وأشار الى أن الجهاز العصبي يعمل على مراقبة نسبة الأدينوزين من خلال مستقبلات (A1) التي توجد في الدماغ وجميع أنحاء الجسم، حيث تمر المادة خلال المستقبلات وتزداد بزيادة رغبة الشخص في النوم.
ويمر الكافيين في الخلايا العصبية عن طريق المستقبلات لكنه لا يعمل على تنشيطها وهذا يؤدي إلى إيقاف افراز مادة “النوم” الأدينوزين.
اضافة الى ذلك، أكد الدكتور سامر حماده أن الكافيين يتسبب في إيقاف الدوبامين (Dopamine) والغلوتامات (Glutamate) الموجودين في المخ، وذلك يسبب توقف العديد من المواد الكيميائية عن القيام بوظائفها . وأيضا يزيد من معدل النبض ومن سرعة ضربات القلب، وتزيد من توتر العضلات ومن نشاط الامعاء والافرازات الهضمية.
وأشار الى أنه من خلال منع عمل الأدينوزين فى الجسم، يزيد الكافيين من النشاط العصبى في الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة مؤقتة فى اليقظة العقلية ومعالجة الفكر، مع الحد من النعاس والتعب، ويمكن أن يؤدى الى تعب الغدة الكظرية، كما أنه من خلال مكافحة الأدينوسين سيقلل بشكل كبير من تدفق الدم إلى الدماغ، الأمر الذى يؤدى إلى الصداع والدوخة وانخفاض التنسيق الحركى الدقيق.
كيف يمكن تجنب هذه الأضرار؟
أعطى الأخصائي في الطب العام الدكتور ماهر خليل نصائح للتقليل من استهلاك الكافيين بكثرة وهي:
- قراءة الملصقات الغذائية، ومحاولة جمع الكمية الإجمالية للكافيين التي تستهلكها في اليوم.
- اذا كان شرب القهوة بداعي أن تبقوا يقظين، فحاولوا شرب جزء من الكمية على شكل خال من الكافيين، وبالتالي ستكون كميته أقل بكثير.
- إن بعض المسكنات التي تباع تحتوي على الكافيين، وأحيانا تصل الكمية إلى 130 ملليغرام من الكافيين في الحبة، لذا ابحثوا دائمًا عن الحبات التي تكون خالية من الكافيين.
- استبدال المشروبات الغازية الغنية بالكافيين بالماء، أو الصودا أو حتى دايت سبرايت، الذي يشكل بديلاً أفضل.
- استبدال أكياس الشاي بشاي الأعشاب الذي لا يحتوي على أي منبه.
وختم الدكتور ماهر خليل حديثه قائلا : ” الكافيين يساعد على الاستيقاظ و لديه فوائد عديدة و لكن استهلاكه بشكل غير معتدل و بكميات كبيرة يمكن أن يسبب أضرار كثيرة على الجسم، فهو يحفز الجهاز العصبي المركزي وبعد الاستهلاك المتواصل والثابت للكافيين قد يحدث التعلق الجسماني به وهو ما يسمى (الإدمان) . لذلك أنصح بمحاولة التخفيف قدر الإمكان من هذه المادة للحفاظ على الصحة الجسدية و النفسية “.
الكافيين هي مادة تصبح خطيرة عندما تزيد كميات استهلاكها بشكل كبير وتتعدى 400 ملليغرام يوميا ، وهذه المادة تؤثر على آداء وظائف الجسم بشكل طبيعي اذ يمكن أن تسبب الخلل بها، وتؤثر أيضا على الأعصاب و الدماغ بالاستناد الى ما أكده الأطباء . لذلك يجب الالتفات الى كل ما ورد من أضرار و تفاديها كي لا تتطور الحالة للوصول الى أمراض تحتاج الى علاج.
بقلم: ريم فقيه